<العمل الإغاثي كأحد أوجه نشاطات الثورة السورية
تجاوزت آثار أعمال العنف الهمجية للنظام القتل والاعتقال والتعذيب، لتصل إلى المعاناة اليومية للسوريين على الأصعدة المختلفة.
فتعرضت مدن بأكملها للتنكيل حتى باتت مناطق منكوبة بفعل القصف وتشريد الأهالي والحصار وانقطاع مواد التدفئة ومواد التغذية الأساسية، وتدمير البنى التحتية للحياة من بيوت ومتاجر وتجهيزات. . فيما أصبحت آلاف العائلات بلا معيل بسبب استشهاد أو اعتقال الرجال والشبان المعيلين لها أو اضطرارهم للتواري وبالتالي فقدانهم لأعمالهم ومصادر رزقهم.
وقد استدعى تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين في ظل هذه الظروف تحركا سريعا من مختلف القوى الثورية والسياسية والشعبية من أجل تخفيف معاناة العائلات بالقدر الممكن ووفقا للإمكانات المتاحة.
وتعمل لجان التنسيق المحلية إلى جانب قوى ثورية أخرى على إرسال المواد الغذائية الأساسية للعائلات المحتاجة في مختلف المدن والمناطق (رز، سكر، زيت، سمنة، عدس..)، بالإضافة إلى المواد الإغاثية العينية الأخرى كالبطانيات والثياب بالنسبة للمناطق المنكوبة وتلك التي تعرض أهلها للتشريد من منازلهم بفعل القصف والدمار.
ويقول ملاذ عمران، أحد منسقي لجنة الإغاثة في لجان التنسيق، بأن المساعدات تتم بالتنسيق مع النشطاء الميدانيين في كل منطقة ووفقا لقوائم يتم إعدادها من قبلهم وتحديثها بشكل مستمر.
ويتابع بأن التبرعات تأتي من السوريين في الداخل والخارج على شكل مبالغ نقدية أو مساعدات عينية. وأن ازدياد أعداد المنشقين يزيد من الأعباء الإغاثية حيث أن هؤلاء الذين انشقوا عن النظام، قد تركوا وراءهم عائلات بحاجة لمن يعيلها، فضلا عن ظروفهم هم بالغة السوء.
ويضيف بأن الصعوبة الأساسية فيما يتعلق بالعمل الإغاثي، تتمثل في أن الأزمة لاتزال مستمرة منذ أشهر، وأعداد الشهداء والمعتقلين والمفقودين والمتوارين والمنشقين بازدياد، فضلا عن تدهور الظروف الاقتصادية بشكل عام في البلاد.
فعلى سبيل المثال، هناك أزمة شح مواد التدفئة كالمازوت والغاز مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المناطق، مع ارتفاع جنوني في أسعارها، فمثلا ارتفع سعر جرة الغاز في حال وجودها من 275 ليرة سورية إلى ما بين 600- 800 ليرة سورية، بينما ارتفع سعر ليتر المازوت حتى 25 ليرة للتر الواحد بينما السعر الرسمي 15 ليرة سورية.
بينما ارتفع سعر الشمعة التي لا غنى عنها بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي، من ليرتين إلى مابين 10-15 ليرة سورية للشمعة الواحدة!كما أن أسعار المواد الغذائية الأولية قد ارتفعت بشكل كبير، فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر عبوة زيت الذرة 4كلغ، من 350 ليرة إلى 475 ليرة سورية. وكيلو السكر من 45 ليرة إلى 60 ليرة.
علما أن الأسعار تختلف من منطقة إلى أخرى ووفقا للوضع الأمني فيها. حيث اسعار العديد من المواد وخاصة الاساسية تضاعفت في المناطق المنكوبة خاصة
بسبب صعوبة وصول هذه المواد الى تلك المناطق.ويقول عماد الحصري، سكرتير جمعية دعم الشعب السوري ASPS التي تأسست حديثا في باريس، أنه رغم سهولة جمع التبرعات في الخارج بسبب توفر الغطاء القانوني فإن عملية إيصالها إلى الداخل غالبا ماتواجه عقبات عديدة، كما أن عملية جمع التبرعات في الداخل هي عملية محاطة بمخاطر أمنية كبيرة. ويضيف بأن النشطاء الميدانيين يقومون بجهد لا يوصف من أجل إيصال تلك المساعدات لمن يستحقها حيث أن هذا النشاط لا يعتبر أقل خطورة من الناحية الأمنية من التظاهر على سبيل المثال. ومن الصعوبات الأخرى التي تواجه النشطاء في الملف الإغاثي، صعوبة إيصال المواد الإغاثية بسبب انتشار حواجز الجيش والأمن بشكل مكثف ومنع أية هيئات إغاثية رسمية أو غير رسمية من العمل على هذا الملف كالصليب الأحمر أو الهلال الأحمر السوري. فضلا عن صعوبة التواصل مع المناطق المنكوبة خاصة في بدايات الأزمة لمعرفة احتياجاتها، بسبب الانقطاع الدائم لوسائل الاتصالات بأشكالها المختلفة.
ويقول ملاذ عمران، بأن مجمل الظروف السابق ذكرها يجعل من عملية التبرع والتوزيع عملية غير مكتملة وبعيدة عن الكمال، وهو ما يعني الحاجة الماسة لمزيد من الجهد في العمل على هذا الملف بشكل دائم.
بينا يؤكد السيد عماد الحصري على ضرورة تكثيف عملية التبرع في الداخل والخارج ويضيف “ذلك أقل ما يمكن أن نفعله كسوريين في المنفى والمهجر، خاصة مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية ما سينعكس بشكل مباشر على المواطنين بشكل خاص في المناطق المنكوبة والمحاصرة”.
ويختم الحصري بدعوة السوريين الذين لا يزالون على مسافة من الثورة للانضمام إليها إما بشكل مباشر أو عبر الأعمال الإغاثية بأشكالها المختلفة.
العمل الإغاثي كأحد أوجه نشاطات الثورة السورية
Posted by abeer on December 4th, 2011