شاهد عيان من جسر الشغور: غسلوا الدماء بعد كل مجزرة..لكن رائحة الموت من يغسلها؟!

Home  /  شهود عيان  /  Current Page

لم يكن محمد يعلم حين قرر البقاء في منزله في جسر الشغور، أنه سيشهد ما شهده من قتل وترويع ودماء مسفوكة. وإلى أن تمكن من الهرب بعد عدة أيام على الاقتحام، كانت قصص الموت هي كل ما حمل معه إلى ملجئه.
“رأيت بأم عيني كيف قتلت امرأة وعدة أطفال ورجل عجوز ممن بقوا في المدينة. عشرة أشخاص جرى اعتقالهم وجمعهم في إحدى الجوامع حيث قتلوا بالرصاص. أحمد التيح، قتل عندما نزل إلى الشارع يبحث عن خبز لأبنائه. أما عبد الجليل الملقب بأبو خليل من الحارة الشمالية، فقد كان يحاول الهرب مع زوجته وطفليه على دراجته النارية حين أطلق عليهم النار وقتلوا جميعا، وكانت جثثهم لاتزال مكانها حين تركت المدينة، حيث لم يجرؤ أحد على سحبها بسبب كثافة الرصاص”.
“اطلاق نار عشوائي في الشارع، قنص كل مايتحرك. كان عناصر الأمن والشبيحة يجهزون على الجرحى في الطرقات أمام بقية السكان بدم بارد. وبعد كل مجزرة تأتي سيارات الإطفاء لتغسل الدماء عن الطرقات وتحمل الجثث بعيدا. لكن رائحة الدم ملأت المدينة، ولا زلت أشمها حتى اللحظة. الله وحده يعلم كم من الشهداء سقطوا”.

“استخدمت أسلحة ثقيلة في اقتحام المدينة و قصفها. الكثير من البيوت تهدمت بفعل قنابل الهاون و قذائف الدبابات. كانت هناك حوالي 150 دبابة و ناقلة جند في المدينة عندما خرجت منها, لكن الجنود القادمين ضمن الفرق المهاجمة لم يكونوا يدركون ما هم مقدمون عليه. عندما تفاجئوا بما يحصل من دك للمدينة وقتل أهلها، هرب العديد منهم و قتل آخرون أو أصيبوا لأنهم رفضوا إطلاق النار على المدنيين، فأسعفهم الأهالي. بعضهم كان يطلق النار في الهواء أو بعيدا عن الناس. ولم يقتصر الأمر على المجندين، بل انشق ضباط منهم مقدم ونقيب وملازم ومساعد. هؤلاء الذين انشقوا، حاولوا الدفاع عن المدنيين واستشهد الكثير منهم والبعض الآخر هرب مع الأهالي”.

“بعد اكتمال الاجتياح والعمليات العسكرية، بدؤوا بنهب بيوتنا. من لم يجدوا في منزله شيئا أحرقوه. حصل هذا في المدينة وعدة قرى مجاورة، ونخشى أن يتكرر في أريحا”.
“في أريحا، كان هناك شابان ينقلان الكرز في سيارة شحن إلى اللاذقية، فأوقفهما الأمن وأطلق عليهما النار أمام معمل السكر”.

بعد ثلاثة أيام من الاجتياح، تدبر محمد أمر هربه مع شابين آخرين بالقفز عبر أسطح المنازل، وكان أن استشهد أحد الشابين فيما أصيب هو والشاب الآخر برصاص الأمن.

“عائلتي كانت تعتقد أنني قتلت، حتى استطعت مؤخرا الالتقاء باثنين من اخوتي، ولا أعلم شيئا عن أخواتي غير أنهن هربن”.

“اليوم الأربعاء، جالت سيارة بمكبرات الصوت في ناحية دركوش حيث التجأ العديد من الأهالي، معلنة أن وزير الداخلية يتكفل بأمان كل السكان، وأن الأوضاع قد هدأت، وأنهم يستطيعون العودة إلى منازلهم. وبالفعل عادة عدة عوائل وكانت النتيجة أن اعتقل العديد من أفرادها وأودعوا في “اسطبلات” في ظروف بالغة المهانة والإذلال”.
يقول محمد أنه لا يفهم ما سر هذا الحقد ضد المدينة وأهلها “كانت مظاهراتنا سلمية ولم يحمل الأهالي دفاعا عن أنفسهم سوى بنادق الصيد والعصي والحجارة. كنا مستعدين للعواقب، لكننا لم نعتقد أننا سنقتل جماعيا بهذه الطريقة”.
ومع ذلك، يقول محمد أنهم مستمرون فيما بدؤوه “رح نكفي الثورة لو شو ماصار كرمال دم الشهداء والشباب الي اعتقلوا”.
———————
أجري اللقاء مع الشاهد عبر الهاتف- المكتب الإعلامي للجان التنسيق المحلية

This post is also available in: الإنجليزية